من وجهة نظر لمى
رنّ صوت كريم في السماعة:
— لمى، على مكتبي حالًا!
تنهدت. حملت دفتري وقلمي، ثم توجّهت نحو مكتبه. طرقت الباب.
— ادخلي.
— نعم، كريم؟
— احكي مع تشارلز، الطيّار الخاص. جهّز الرحلة إلى أثينا، رايح الليلة.
رفعت حاجبي باستغراب.
— بس... ما في اجتماع هناك؟
— ما في. بروح أشوف أهلي، قاعدين هناك بإجازة. ما بعرف ليش دعوني فجأة.
— آه، يعني رحلة عائلية.
— بالضبط. وبرجع نهاية الأسبوع.
غمز لي بعفوية.
— تمام، ببلّغ الطيّار.
استدرت للخروج، لكن صوته أوقفني:
— لمى!
— نعم؟
— خلال غيابي، ثيو رح يمرّ على المكتب كل كم يوم. اعطيه آخر التحديثات. وإذا صار أي شيء مهم... بتتواصلي معي فورًا.
— أكيد، لا تشيل هم. استمتع مع عيلتك.
ابتسمت له وغادرت.
...
عدت إلى مكتبي وجلست أفكر.
ليش حاسّة زعل؟
يعني هو رايح بس يشوف أهله، طبيعي! بس ليش حاسّة إنه في شي ناقص؟
أكيد مش لأني...
لا لا لا، مش معقول أشتاق له!
يمكن رح أشتاق لصوته وهو بيأمرني وكأني روبوت! أو يمكن أنا بس ببالغ كعادتي...
— لمى!
صوته قطع حبل أفكاري.
— هاه؟ آسفة.
وقفت بسرعة.
— كنتي سرحانة.
— لا لا، مفيش شي.
ابتسم بخبث وقال:
— مش راح أصدّقك بهيك سهولة.
— مش رح أقولك بشو كنت بفكر. بس على صعيد الشغل، بلغت الطيّار زي ما طلبت.
مشيت نحوه وقفت قدامه... ليه وقفت هيك قريبة؟!
شو صاير فيني؟
— أنا ماشي. رح أبعتلك قائمة مهام يومية بالإيميل.
قالها بنبرة عمل.
— رحلة موفّقة...
ليش بتهته؟!
رفع حاجبه:
— لمى... كل شي تمام؟
مد إيده بلطف ولمس ذراعي.
يا فراشات بطني، كفاية حفلة!
— آه آه، كلشي تمام.
ضحكت بابتسامة مشدودة.
— عمرك ما تهتّيتي قدامي... شو فيه اليوم؟
سأل بمكر.
— ما في شي، عن جد.
قلت بانزعاج خفيف.
— يعني مش راح تشتاقيلي؟
اقترب أكثر.
يا إلهي... حتى الهواء صار ثقيل!
— أشتاقلك؟ أنا؟ مستحيل!
لوّحت بيدي.
ضحك وقال:
— وجهك بيقول العكس.
وكان واقف قريب جدًا، وأنا محاصرة بينه وبين الطاولة.
— مش لازم تلحق طيارتك؟
— أنا مالك الطيارة، حبيبتي.
قالها وهو بيحط إيديه على الطاولة، مطوّقني كليًا.
قلبي صار يدق كأنه راح يطلع من صدري!
— كريم، شو... شو عم تعمل؟
— بس بتأكد إنك بخير.
— وكيف ناوي...؟
وقبل ما أكمل،
شفتيه التقت بشفتي.
قبلة ناعمة، دافئة، مفاجئة.
حسيت بإيده بتسحبني من خصري،
بينما حطّيت إيدي على كتفه لأتوازن.
ما قدرت أرد... بس قلبي كان بيرقص.
لما فتحنا عيونّا،
عيونه كانت مليانة حنان، وكأنها بتقول أنا شايفك... وبحسّك.
فكّ حضنه بلُطف وقال:
— وداعًا لمى... واشتاقيلي شوي.
وغادر.
...
وقفت وحدي... فوضى كاملة داخلي.
ليه قبّلني؟ بيحبني؟ ولا كان لحظة ضعف؟
وإذا بيحبني... ليش ما قال؟
بس… الحق يقال…
القبلة كانت جميلة.
وكان فيها شعور... حقيقي.
يا كريم، شو اللي عملته؟