من وجهة نظر كريم
كنت أعمل بهدوء في مكتبي حين سمعت جلبة غريبة في الخارج.
رفعت سماعة الاتصال الداخلي. لمى لم تجب.
غريب... لم يحدث هذا من قبل.
نهضت وتوجهت للخارج، لأراها... تعانق شابًا غريبًا.
كان ظهرها نحوي، لكن وجهه واضح. وسيم، أنيق... لكن من هو؟
ليس من موظفي شركتي، هذا مؤكد.
ومن بحق الجحيم يظن نفسه؟ ولماذا تعانقه؟
— لمى منصور!!!
خرج صوتي مدوّيًا.
افترقت عنه فورًا، لكن ابتسامتها لم تختفِ. نظرت إليّ باستغراب، وكأنها لا ترى في المشهد شيئًا يستحق انفعالي.
اقتربت منهما، ونظراتي لا تفارق عينيها:
— ما الذي تفعلينه؟
— إنه...
لم أتركها تُكمل.
— لستُ أعمى. واضح من يكون. لكني لا أدفع راتبًا لمن تعانق أحبّاءها في أوقات العمل. ألم يكن هذا واضحًا، آنسة منصور؟
— أنت مخطئ تمامًا! هو فقط...
— اصمتي. إلى مكتبي، حالًا.
عدت أدراجي إلى المكتب، والغضب يغلي في داخلي... أو... هل هو غضب؟
لماذا أشعر بهذا الانزعاج كله؟
بالطبع لأن وقت العمل لا يحتمل العلاقات الشخصية. هذا كل شيء.
أوه، بربّك يا كريم!
جاء صوت داخلي ساخر.
نعم، لمى امرأة جميلة، وذكية، لكن هذا لا يعني شيئًا. إنها مجرد موظفة... هذا كل شيء.
................................................
من وجهة نظر لمى
دخلت مكتبه بخطى ثابتة، لكن قلبي يغلي:
— ما الذي كان ذلك؟
— بل أنا من يجب أن يسأل هذا السؤال!
قالها وهو يتظاهر بتصفح شيء على جهازه.
— الشاب الذي رأيتَه هو سامي منصور. منصور. أخي! وقد جاء لحضور اجتماع مع قسم التسويق. لم نلتقِ منذ شهر، وأراد مفاجأتي.
وكنتُ... فقط... أقول له إنك لست بذلك السوء، فإذا بك تقتحم المشهد وتنفجر في وجهي! هذا غير عادل إطلاقًا!
قلتها بسرعة وكأنني أُفرغ انفجاري كله دفعة واحدة.
سكت لثوانٍ، ثم نظر إليّ:
— أخوكِ؟!
— رائع! هذا هو الجزء الوحيد الذي سمعته!
تنهدت في غيظ. أنت فعلًا لا تُحتمل!
مرت لحظات من الصمت المشحون.
— انظري... أنا آسف، حسنًا؟
رفعت نظري إليه، بثبات، دون أن أقول شيئًا.
— هل لديكِ مهام أخرى لي اليوم؟ لقد تجاوزنا وقت الدوام.
— لا، يمكنكِ الانصراف.
— مساء الخير، أستاذ كريم.
خرجت من مكتبه، وكانت كل خطوة تحمل في طيّاتها استياءً لم أخفِه.
..........................................
من وجهة نظر لمى
يا له من متعجرف!
كيف له أن يفترض أن سامي هو حبيبي؟!
بل حتى لو كان، ما شأنه؟ هو مجرد مديري في العمل.
سامي لم يستطع البقاء طويلاً، لديه اجتماع لاحق في لوس أنجلوس.
كنت أرغب في أن أُريه شقتي الجديدة، نتحدث طويلًا، نضحك كما اعتدنا...
لكن... يبدو أن القدر كان له رأي آخر.
وعدني أنه سيعود الشهر المقبل. وهذا يكفيني الآن.
أصبحت أعيش في شقتي الجديدة، بعيدًا عن ناتاشا وكارتر.
أشعر بالفخر لأنني أدفع إيجاري من مالي.
طالما أردتُ العمل، لكن كالب... كالب كان يمنعني دائمًا. وكنت أوافق... كحمقاء مغرمة.
................................................
من وجهة نظر كريم
رائع! بالفعل رائع يا كريم!
تتهمين فتاة محترمة في عزّ دوامها بأنها تعانق حبيبها، وهو في الحقيقة... شقيقها!
لا أعرف من أين جاءت نوبة الغيرة تلك.
غيرة؟! لا... لا...
لمى مجرد مساعدتي. هذا كل شيء.
لكن لماذا انزعجت؟ لماذا شعرت أنني أُطعن؟
اصمت يا صوتي الداخلي... أرجوك.